
سعيد بنگراد
-وقال لي : إذا رأيت النار فقع فيها، فإنك إن وقعت فيها انطفأت وإن هربت منها طلبتك فأحرقتك. النفري
-احذر من ثلاثة أشياء: النار والماء والمخزن. مثل مغربي
1
نقدم في هذه الصفحات قراءة خاصة لقصة النار في الدنيا والآخرة، فللنار تاريخ في الحقيقة والمخيال، ولها أساطيرها المؤسسة أيضا. وما يعنينا من هذه الأساطير هو مجموع المحكيات، كما تمت الإحالة عليها في النصوص القرآنية. فاستنادا إلى موقعها في هذه النصوص تبلورت محكيات أخرى تشير إلى استعمالاتها الاجتماعية، ففيها تثوي الأحكام السلبية والإيجابية الخاصة بالسلوك البشري. فالنار في الخطاب اليومي تستمد جزءا كبيرا من دلالاتها من إحالاتها الضمنية أو الصريحة على عوالم كثيرة استبطنها وجدان الإنسان عن عالم الجحيم الموصوف في النص الديني. فكل النصوص الخاصة بالنار تستعين بالعالم وكائناته ومظاهره وأبعاده من أجل تسريب خبرة خاصة بانفعالات الإنسان وأهوائه والخاصة أيضا بقلق وجودي رافقه في رحلته على الأرض. يتعلق الأمر بتسريب حقائق من طبيعة أخرى لا يمكن أن يستقيم وجودها إلا من خلال استحضار الاستعاري فيها.
إننا أمام صورة كلية تتضمن كل ما يحيل على النار التي تأكل النفس والطبيعة، ما يشير إلى حرائق المعامل والمنازل والغابات، وما يحيل على الأهواء والطيش والانتقام والرغبات القاتلة كالحقد والعشق، وما يشير أيضا إلى الثورة التي تُلهب المشاعر وتدفع الناس إلى الاحتراق من أجل فكرة أو وطن أو رغيف خبز كريم.
تندرج النار في جميع هذه الحالات ضمن رمزية شاملة تغطي الكثير من المناطق داخل الوجود الإنساني، إنها جزء من الكثير من الصور المخيالية، أو هي التجسيد الكلي لتمثيلات استعارية تستوعب سلسلة من القيم والمواقف وحالات النفس الإنسانية، سلبا وإيجابا، شرا وخيرا في الوقت ذاته،” فالنار تتلألأ في الجنة، وتُحرق في الجحيم، إنها دفء وعذاب، جزء من المطبخ، وهي سعير القيامة أيضا”(1). إنها متعددة في شكل الوجود وفي الاستعمالات وفي الإيحاءات الرمزية.
وقد يكون وجهها الرمزي هذا هو الذي دفع الناس إلى التعامل معها، بكل امتداداتها في فضاءات الدين والمجتمع والسياسة، وفي منتجات اللغة وتصنيف الأهواء، باعتبار استعمالاتها لا باعتبار مادتها. إنها لم تُولد من خيال الإنسان، فهي ظاهرة من الطبيعة في المقام الأول، إلا أن ما يحضر في الذاكرة منها هو المدى الإيحائي الذي ينتشر في كل منتجات السلوك الرمزي. فهي في مجمل صورها ” تسريب للحب الإنساني إلى قلب الأشياء” (2). لقد تحولت بالاستعمال والرهبة إلى مستودع لانفعالات الإنسان، فقد انتزعها من الطبيعة وضمها إلى متاع الدنيا حين تعلم كيف يستثير لهيبها.
لقد استطاع الإنسان، استنادا إلى النشاط التخيلي عنده، استيعاب مجمل الصور المتداولة عن النار، ما يعود منها إلى المردودية النفعية، وما هو وثيق الصلة برغبات وانفعالات وشطط في تقدير الأشياء والحكم عليها، ووَجَّهها إلى التعبير عن حالات النفس وتقلباتها: نار النور، ونار الآخرة، ونار الحرائق ونار الانفعالات، واللعب بالنار، والنار المنبعثة من الأجساد أو تلك الدالة على أسعار تُلهب جيوب الناس. ففي هذه الحالات مجتمعة تنتفي الحدود بين “النار الحقيقية” وبين “حقيقتها” في القلب والجيب والسياسة والآخرة، دون أن تغيب دلالاتها الأصلية أو تختفي.
ولهذه الصور المتعددة ما يبررها في الشرط الإنساني ذاته. فالنار ليست سابقة على الوجود الرمزي للإنسان، كما هو الماء مثلا، إنها مضاف ثقافي أو هي “كائن اجتماعي”(3)، لقد كانت الشرط الضروري للأنسنة، وهي المدخل البدئي إلى التمدن والتحضر. فقد “شكل اكتشافها قطيعة مطلقة بين الإنسان والحيوان، بل إن الذهن الإنساني نفسَه لم يستقم، في علاقاته الأولى مع الشعر والعلم، إلا عندما تعلم كيف يتأمل النار (…) فالإنسان الحالم أمام الموقد، هو إنسان الأعماق، إنه إنسان المآل (4). لقد كان التأمل مدخلا إلى حالات الترميز الأولى إذ “لا وجود لرمزية قبل وجود الإنسان الناطق ” (5).
والحاصل أن محكيات النار واستعمالاتها المتنوعة هي ما يمكننا من تحديد ما أخفاه الإنسان فيها، أو ما تسرب إليها في غفلة منه. فهذه المحكيات تشكل ظاهرا يداري مضمونه الحقيقي في تفاصيل لا تثير الريبة. يتعلق الأمر” بمعرفة مزيفة” (ريكور) تُعد في العرف التأويلي “رمزا حقيقيا” لشيء لا يستطيع سبيلٌ آخر أن يقود إليه” (6). بعبارة أخرى، ” يجب تفكيك المفهوم الدال عليها، من أجل الوصول إلى قصد المعنى”(7) الذي يسكن رمزيتها. فما يثير المؤول في تجلياتها ليس لهبا أو لهيبا أو قبسا أو شرارة، بل موحيات تجعل من هذه المظاهر مجتمعة تشخيصا لحالات نفسية تتجاذبها الأهواء.
وهذا معناه أن حقيقة النار في الرمز ليست هي حقيقتها في التداول النفعي، ولكنها لا يمكن أن تستقيم إلا من خلال إسقاط حالات التناظر بينهما، ودون ذلك ستكون الرمزية داخلها جوفاء، أو مرتبطةً بتجربة فردية غير قابلة للتعميم. وأمر ذلك بيِّن، ” فالمفاهيم لا تتمتع بسمك يخص وجودها ذاتَه، بل تحيل على تعابير من طبيعة تناظرية مصدرها وجود فيض دلالي” (8) في حاجة إلى تسييج. لذلك وجب إفراغ الكلمة من شحنتها الظاهرة، واستحضار دلالات تتجاوز التسمية لكي تُحيل على الدفق الاستعاري وحده، ما يشبه “الملء” الذي لا يمكن أن يستقيم إلا من خلال الاستعانة بمعرفة جديدة ليست من الأسطورة، بل هي حاصل التأمل فيها: حينها تصبح النار مجازا مطلقا يستوعب داخله كل الحالات الممكنة للنفس وللوجود.
إن النار شيء من العالم الطبيعي، أما أساطيرها فغطاء دلالي مضاف، إنها معرفة لاحقة، “إنها جزء من قدسي يعبر في الغالب عن نفسه من خلال رمزية مستمدة من عناصر الكون نفسه من قبيل السماء والأرض والماء والنار” (9). لذلك لم يكن تدجينُها وتوجيهُها والتحكمُ في صبيبها منفصلا عن الأساطير المؤسسة لها. لقد كانت، منذ لحظاتها الأولى، مثار رهبة وإعجاب وتأمل وإبداع، بل كانت معبودا اعتقد الناس في بقاع كثيرة من الأرض ألا وجود لإله آخر غيرها في الكون (الزرادشتية) ( لقد كتب جيمس فريزر كتابا جميلا يتحدث فيه عن الأساطير المؤسسة للنار عند مجموعة من الشعوب).
وبذلك، فإنها ” مرتبطة بفكر طفولي كان يبحث عن حل لمعضلات أفرزها مسعى الإنسان الدائم إلى تلمس البدايات الأولى للحياة الإنسانية وأصل المجتمع” (10)، ما يشبه البحث عن “زمن أصلي” هو المبتدأ المفترض في الوجود الأرضي. وقد عُدت النار، في الحالتين معا، جزءا من “كينونة” كلية تتجاذبها “قدسية” تعبر عن سلطة إلهية لا حد لنفوذها، وعن “قدر” إنساني يطمح إلى التحرر مما يأتيه من عوالم الغيب أو عوالم الأهواء. ولم تكن أسطورة بروميثيوس الذي سرق النار من الآلهة وسلمها للإنسان سوى التعبير الأمثل عن هذا التجاذب ( وكانت النار هي أصل التقدم أيضا فالحديد لا يُفل إلا بها).
إنها تُعد، من هذه الزاوية، “لغة شاملة” عابرة لكل قارات الذات وصور العالم عندها، فالظاهر فيها لا يمكن أن يكون تجليا لفعل حقيقي، وإنما هو في الأصل رمزية لها علاقة برؤية الإنسان للكون ( الشعلة التي تحترق من أجل الآخرين، واللهيب الذي يدمر كل شيء في طريقه، والشرارة التي تعلن عن ميلاد الثورات، ونار الحب ونار الغيرة والحقد والحسد…). لقد كانت في كل حالاتها تلك “صورةً” بُنيت عليها الطاقة العشقية في النفس، فالشعلة لا يُنظر إليها في ذاتها، بل باعتبارها اشتهاء للآخر، وبُني عليها الإيمان الديني وتحددت مبرراته أيضا، فما يشد الناس إلى الآخرة ليس دائما حبا في جنات لا تذبل أزهارها، بل خوف من نار موقدة تحرق في طريقها الجسد والروح : إن الله يغري بالجنة، ولكنه يهدد بالنار أيضا.
يُعد تأويل النار، ضمن هذا التصور، رحلةً في ذاكرة المفهوم ذاته، ورحلةً في طقوسها، ورحلةً في الأفعال المرتبطة بها. ما يعود إلى التسميات، وما يمكن أن يُصنف ضمن محاولة تدبير “الكم الناري” وفق سلمية دلالية تُسقَط على مناطق في النفس، أو على سلوك محتمل، وما يعود إلى ما يمكن أن يكون دلالة مضاعفة على الفصل بين عالمين لا رابط بينهما، على غرار الفواصل بين النور والظلام، وهما مبدآن مركزيان في وجود الكون ذاته. فلا شيء سابق على النور، فالظلام الأصلي ليس حالة، بل غياب لكل معنى، لذلك لن يكون النور صفة إلا بالمجاز، فهو “نوعية” أصلية منها انبثقت كل الصفات الدالة على كل ما ينير الأرض والسماء.
بعبارة أخرى، إن الأساسي فيها ليس حالاتِ التعيين، بل سلسلة المعارف التي تستوطن مرادفات تُعبر عن حياة النار وأفعالها كما هي في الذاكرة الرمزية ( اللظى وسقر والرمضاء وسعير). لا يتعلق الأمر في هذه التسميات بتنويع يستند إلى كم دلالي ثابت يُعبر عن مرجع لا يتغير بتغير الألفاظ الدالة عليه، بل هو تحديد لهذا المرجع ذاته، ولكن انطلاقا من نمطين مختلفين من المعارف، هي ما يشكل جزءا من مضمون التلفظ* وغاياته. نحن في هذه الحالة أمام معانيَ لها وجود خاص تكمن وظيفتها في تدقيق حالات النفس وتمييزها، أو التنويع من صفات النار وأشكال تجليها. تتحول جهنم من “فضاء” مضاد “لفضاء” الجنة، إلى سلسلة من الصفات هي التي تحدد حالات النار ودرجة حرارتها أو لهيبها.
2
وهكذا سينبثق من النار النور والإنارة والاستنارة والتنوير والمنير والنائر (الواضح)، والمنار (العلم)، والمنارة (ما يهتدى به )، والنيِّر، وكثير من الأفعال والصفات التي تستمد منها جزءا كبيرا من مضمونها، فهي المصدر الأصلي لكل ما ينير ويكشف. يتعلق الأمر بحقل دلالي متعدد في الامتدادات والتجلي، ولكنه ينتهي عند نقطة واحدة هي الفاصل بين كيانين: النور باعتباره حالة إيجابية تشير إلى المصدر الذي تنبثق منه الحياة خارج التصنيفات التقابلية، فهي موجودة في ذاتها ولذاتها، وبين المحتمل الدلالي اللاحق الذي يشير إلى عوالم الظلام باعتبارها نقيضا للنور الأصلي، أي نقيضا للحياة ذاتها، كما أن التقابل بين الأبيض والأسود هو غياب للمعنى: يكون ذلك بالإيجاب في الحالة الأولى، وبالسلب في الحالة الثانية.
إن النور في جميع هذه الحالات ” هو الظاهر في نفسه الــمُظهر لغيره” ( لسان العرب)، وأصله في ذلك أنه صفة من صفات الله. لذلك لا يمكن للنار أن تكون، في هذا السياق، سوى إحالة على لحظة بدئية في الكون هي التي نقلت العالم من حالة صمت مطلق، هو الظلام الدال على الغياب، إلى ما يشكل حالة قابلة للعيش ضمن إباحة مطلقة أو إيجاب مطلق في ذاته لا في تقابله مع شيء آخر. وهي حالة ممكنة يجيزها المنطق الديني الذي يفترض إمكانية وجود لحظة أولية بلا مضمون زمني، فقد كان من الممكن ألا يكون بعدها شيء آخر لولا حالة العصيان عند الإنسان، أو إرادة الاستخلاف عند الله.
إنه النور الذي يستمد وجوده من الله الذي هو النور في ذاته قبل أن يكون هناك نور في الوجود، فهو الأصل وهو الواحد والكلي والمطلق، إن الله ” نور أنى للمرء رؤيته “(11). إنه موجود في ذاته، ولا يمكن أن يوجد في العيان إلا من خلال ما يمكن أن يكشف عنه (يُظهره). وتتضمن هذه الحالة تقابلا تشير إليه حالة الخلق ذاتها، وهو التقابل القائم بين الدفء والبرودة، أي بين الأصل الأول الماء، وبين الأصل اللاحق النور، أي النار المستحدثة في الأرض.
واستنادا إلى ذلك لن يكون للعري الأصلي ( آدم وحواء) من وجود إلا من خلال خاصية النور هاته. لم يكن آدم عاريا، ولم تتعر حواء، بل كانا يعيشان ضمن “نور” إلهي يكشف عن كل شيء عدا سوآتهما، أي كانا بلا أهواء. فقد قيل إن لباسهما كان من نور لم يكن ليكشف عن الجسد الذي يغطيه لولا خرق المحظور (عصيان الأمر الإلهي). وهو ما تؤكده الأساطير اللاحقة المؤسسة للنار، فهي تفترض جميعها أن الإنسان عاش فترة من تاريخه على الأرض بلا نار. ولم يكن غياب النار في هذه الحالة سوى تعبير مجازي عن حياة يعيشها الناس بطاقات الفطرة وحدها، أي العيش في حضن طفولة إنسانية تنعدم فيها الأهواء.
وتلك هي اللحظة التي سينقلب فيها النور نارا، لا بمعنى استثارة الشعلة واللهيب، ولكن بمعنى انبثاق الهوى الذي يتسرب إلى النفس في شكل رغبة تحتاج إلى إشباع، لقد أُسكنت الروح، التي هي الطهارة، في جسد يضج بالأهواء. فالذي يشتهي ما في الشجرة يكون قد خرج من الإباحة لكي يستوطن العشق الأرضي(الأهواء). إنها “متعة” الخطيئة” ( يقول المثل الفرنسي: إنها لذيذةٌ كما لو أنَّ لها طعْمَ الخَطيئة C’est si bon que c’est Presque un péché). فما بين حياة خلود بلا متعة وبين فناء فيه المتعة اختار آدم الفناء، تماما “مثل الـفراش الذي يسعى الى النور وفيه الفناء”( عمر الخيام).
وقد يكون ذلك هو مصدر التصور الغنوصي الذي يرى أن الروح وُضعت في قبر، هو الجسد، ولن تتخلص منه إلا بالعودة إلى ملكوت إله الأنوار. “فروح الإنسان عندها قبس من النور الأعلى ومن جوهر الله، ولكنه جوهر حبيس في سجن المادة”(12). والمادة هنا ليست شيئا آخر غير الجسد، أي البؤرة التي تستوطنها الأهواء. لذلك لن يتخلص الإنسان من هذه المادة ( أي التخلص من الرغبات الحسية) إلا ” بنجدة من ملك جنان الأنوار، فهو الذي سيخلصه من أرواح الظلمة” (13). وهي صيغة أخرى للقول، إن الجسد فضاء تستبيحه رغبات تتطور على هامش الروح وضدها (يُشار في الغالب إلى الجسد باعتباره بؤرة الأهواء، أما الروح فهي الطهارة والعفاف. يقول أحد الأفارقة: الروح حقيقتنا، أما الجسد فخدعة جغرافية).
يتعلق الأمر أيضا بالفاصل بين نار تنير وتُجلي وتكشف وتحدد الطبيعة الأصلية لوجود لازمني، وبين نار أخرى تسكن النفس هي الشعلة واللهيب والسعير والرمضاء، إنها حالات تحيل على زمنية إنسانية استُنبتت في فضاء يوجد خارج السماء. وهي أيضا التي تجمع بين نار مشتقة من النور وحده، وبين أخرى هي حاصل الأفعال التي توقد وتُشعل وتُذكي. إنه التقابل بين خير هو سبيل المؤمنين إلى نور الجنة، وبين شر يقود الكافرين إلى النار. هناك جنة تنيرها نار ولا حد لخيراتها، ولكنها بلا أهواء، وهناك جهنم وهي فضاء تستوطنه النار وحدها، لذلك ستكون مصدرا لكل الأهواء.
لقد نُزِع، في هذا السياق، من النار كل ما يحيل على الحب والدفء والطمأنينة لكي تصبح دالة على “حريق” متواصل في الزمان وفي المكان، إنها لا تخبو، بل تستمد مادتها مما يصدر عن جسد يتجدد في الأهواء: “كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا”(النساء 56). ولكنها من خلال ذلك تشير إلى ما يميز الحياة أيضا: إنها تشير إلى التقابلات الممكنة في الأرض: التحول والنمو والهوى والعقل والاندفاع والمرح والحلال والمنع والخرق. إن النار هنا ليست سوى صورة مجازية للحكم على الإنسان بأن يظل حبيس أهوائه، إنه لن يتمتع بحور العين حيث الحب والعشق والجنس الذي يسكن جسد نساء بلا رغبة، لذلك سيُصْلى نارا لهبها حاجات النفس الأمارة بالرغبة والإغراء الذي لا يمكن أن يُشبع أبدا.
وبالمقابل ستكون الجنة تخليصا لهذه الروح من كل الأهواء. لذلك لا ذكر للنار في الجنة، فسياقاتها هي الماء والخضرة والخمرة والنساء والولدان، إنه عالم عجيب، بمنطق أهل الأرض، فهو يعيش على هامش النار، أو هو خارج سلطانها، فقاطنوها ليسوا في حاجة إليها، لأنهم ليسوا في حاجة إلى رمزيتها: فليست هناك رغبات أو أهواء يمكن للنار استيعاب بعض من صورها. وهو ما يعبر عنه أحيانا في الأدبيات الصوفية أو غير الصوفية بـ”مجاهدة النفس”.
هذه هي الصورة الكلية للدين: إنه يدعو إلى إنسان بلا أهواء، كائن يعيد إنتاج نفسه استنادا إلى طاقة بيولوجية موجهة للتناسل هنا في الأرض، ولعبادة واحد أحد لا تأتيه الأهواء هناك في السماء. إن الأهواء ليست من الخلق، بل هي إفراز أرضي، إنها ما يتم خارج العقل أولا، وخارج الامتثال الاجتماعي ثانيا، وخارج تعاليم الدين ثالثا؛ فالأهواء في جميع هذه الحالات تقع ضمن المحظور والممنوع والمحرم، أي خارج الحياة كما نعرفها.
بعبارة أخرى، إننا نستعيد الإنسان، من خلال ثنائية النور والنار، تارة باعتباره أصلا موجودا خارج الزمن، أي خارج الأهواء ( وتلك قصة آدم في السماء)، وتارة أخرى ضمن فضاء ذاتي ليس سوى عالم الأهواء( الوجود الأرضي). فالشعلة واللهيب والقبس والجذوة والجمر والرماد كلها حالات تُعبر عن محاكاة للأهواء في الإنسان، مثلما أن “الزمن هو محاكاة مشوهة للخلود” ( الغنوصية). وبذلك تستعيد النار أصلها باعتبارها دالة على لحظة لاحقة لوجود الناس، فقبلها لم يكن هناك سوى “ماء وظلمة وأرض خربة”، إلى أن جاء النور. إن النار في هذه الحالة هي أصل الحياة ذاتها، أي وجود الإنسان الذي يصيب ويخطئ.
وهو ما يؤكده موقف إبليس الذي رفض السجود لآدم. لقد كان ملاكا ضمن حاشية كبيرة من الملائكة، إلا أن الله ميزه عن هؤلاء بأن خلقه من نار. فقد سجدت الملائكة بعد خلقه إلا هو فقد رفض القيام بذلك، وكان صريحا في رفضه: “قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ۖ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ (75) قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ ۖ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ “(76). لقد كان هو النار ولكنها نار آتية من نور إلهي، إنه بذلك خُلق لكي يرتكب الخطيئة. فهو الذي أغرى آدم وحواء وكانا من طين، أي ينحدران من مادة خالية من النار ( الأهواء). يتعلق الأمر بالإعلان عن حياة تُعاش في الزمن، أي في المجتمع.
لن يكون إبليس في هذه القصة كائنا حقيقيا، أي ملاكا يتمتع بوجود مستقل في الافتراض الديني. إنه على العكس من ذلك، طاقة هووية ترفض أن تتخلى عن موقعها في ذاكرة الإنسان، أي في الحياة الجديدة. إنه يُعد من هذه الزاوية بعدا داخل آدم، ووحده التمثيل التشخيصي اقتضى الفصل بينهما.
وهي النار التي رفضت أن تحرق إبراهيم أيضا. ففي هذا السياق أيضا لا يمكن للنار أن تكون نارا حقيقية، ولو كانت كذلك لكان إبراهيم مجرد ساحر يمتلك القدرة على تديجين لهب هو من صنع الحكام أو من الذين يرفضون عبادة الله. إن قميتها هي أنها استعارة شاملة تتضمن رفض إبراهيم الانسياق وراء أهوائه. وهي أيضا الحالة الاستئناسية التي تدفع فتى يافعا، كما كان إبراهيم، أن يتنكر لكل ما تعمله من محيطه ، لكي يتبنى نظاما قيميا جديدا يفصله عن الأهل والسلطة. يتعلق الأمر باحتراق حقيقي.
أما قصة النار عند بعض غلاة المتصوفة فمختلفة، فهؤلاء لا ينظرون إلى النار باعتبارها ما يثير غريزة الذات أو يحثها على الهوى، بل يعودون بها إلى حالات سكينة هي ما يلي حالات استنفار أقصى للجسد الحاس. لذلك عُدت جزءا من “نعيم الهوى”، إنها تعبير عن الفرحة الكبرى التي ينصهر عبرها العبد في معبوده. فهواها لا يقود إلى الانتشاء بالنفس في المحسوس من الأجساد، بل يقود إلى الوصول إلى الذوبان في النور الأصلي الذي منه اشتُقت النار، رمز الهوى وأكثر تجلياته قوة. لذلك ينتشي المتصوف بالنار وبلهيبها كما ينتشي بكل حالات الطقوس الاستئناسية. إن النار في هذا السياق أيضا ليست سوى تعبير عن هذا العشق الكلي الذي لا يُشبع إلا بعودة النفس إلى حالات الاستهواء الموجود خارج كل تقاطب. فالمؤمن العادي لا يستطيع تحمل أشعة النور الأصلي، لذلك يكتفي بالاستمتاع بالأشياء المنيرة في خلق ربه، إنه في حاجة إلى أولياء “يُحاكون” سلطة الله في الأرض.
وليست تلك حالة المتصوف الذي يُقاس إيمانه بقدرته على الحلول في ذات خالقه (ما يعرف في المغرب بـ”الشعالة”، من شعل النار) ويُحتفى بها في عاشوراء، استحضارا لمقتل الحسين،….وفيها يعالج البعض بالنار، فالنار هنا أيضا مباركة ولها طابع قدسي …ففيها البرد والسلام والحب الإلهي.
3
وضمن هذه الاستعارة الكبرى تندرج الرمزية الجنسية لقصة النار في الحياة أيضا. إنها تنحدر من الصورة “الدينية” للنار الموجهة إلى عقاب كل من لا يلتزم بتعاليم دينية قائمة على التحليل والتحريم. إنها نار موقدة في الجسد، ولكن المرء مدعو إلى مقاومتها، لكي ينال رضا لله. إن الهوى مرذول في عرف الدين، لأنه يتحقق داخل نور يقود إلى ظلام المادة. إنه يشعل جسدا سيخمد بعد حين، في حين أن الروح يُنفخ فيها من نور الله لكي تظل منيرة.
وهي كذلك من حيث الصيغة المجازية العامة التي تجعل النار حاضنة لكل الأهواء التي تنمو وتتطور خارج العقل الذي يتحكم فيها ويوجهها، وهي كذلك أيضا من حيث كونها تشكل المادة الرئيسة لقاموس العشق. فنحن نستثير لهيب النار، ونشعلها ونطفئها، ونحتفي بما يطلق العنان لقوى غريزية لا تكترث لضوابط العقل فينا. إنها كالرغبة تحتد إلى أقصى الدرجات وترتد إلى نفسها وتستحيل رمادا تذروه الريح. وبذلك تكون دالة على الشهوة والرغبة والانتصاب والاندفاع والحماس، إنها شبيهة في ذلك بالأحمر في الألوان. فما لا يُرى بشكل مباشر في الجسد يُسقط على النار لكي يصبح مرئيا في صور اللهب والشرارة والحريق الذي قد يأتي على كل شيء في طريقه. فليس غريبا ” أن يكون كل ما يتغير بسرعة مصدره النار، وما يتغير ببطء يعود إلى الحياة” (12).
إنها استعارة جنسية كبرى تجعل النار طاقة انفعالية عاتية تستبد بكل شيء، إنها عودة بالذات إلى حالات استهواء أصلية حيث لا وجود لشيء في الجسد عدا طاقة مندفعة (النار) تعود بالذات إلى أصلها الأول: كتلة انفعالية لا تكشف عن نفسها من خلال مفهوم جاف، بل تنفتح على الحسي في النفس وفي محيطها، ما يوازي الطاقة التي تتجسد في حالة تستعيرها من النار، فهي الوسيط المشخص بين الذات ونفسها، وبين الذات ورغبتها في اشتهاء الآخر. والحاصل أن النار، في جميع حالات العشق، هي محاكاة للفعل الجنسي. هناك ما يشبه المزج الكلي بين النار الطبيعية الآتية من قلب الأشياء، وبين النار المنبعثة من جسد لم يُخْف رغبته أبدا في أن ينصهر في واحد هو أصله أو هو من استيهامات رغباته، إنه في جميع الحالات يُطفئ ناره في نار شريكه.
وهي صيغة أخرى للقول، إن كل حالة من حالاتها، وكل فعل مشتق منها يشير إلى رمزية جنسية صريحة، أو تشير إلى ما يمكن أن يقود إليه أو يوحي به. وهذا معناه أن “النار الحقيقية” عفوية في الطبيعة، ولكنها في الجسد مُستثارة، إنها الدفء الإنساني والحيوية والنشاط والانطلاق، إنها التعبير عن “الحجم الإنساني” في الجسد (كريماص). ذلك أن الرغبة في المعرفة هي رغبة في الحب أيضا، إن الحاقد لا يعشق أبدا. وهي أيضا حاصل تلاقح وتفاعل بين ذكر وأنثى. وذاك هو أصل التناظر بين لهيب يشق عنان السماء، وبين الحرارة المتأججة في الجسد، ما يعبر عنه الفرنسيون بــ”التحليق في السماء السابعة” ( s’envoler au septième ciel ) كناية عن لذة جنسية لا حدود لها. لقد كان إيروس، إله الحب، يحمل قوسا في يده اليمنى، وشعلة من النار في يده اليسرى، وقد يكون ذلك إشارة إلى “الجرح العشقي” عنده، كما تقول بعض الموسوعات.
إنه التناظر أيضا بين الحصول على النار الفعلية وبين استثارتها في الجسد العاشق. لقد اكتشف الإنسان النار عفوا، فلم تكن في بداياتها الأولى سوى تفاعل كيميائي بين عناصر موجودة في الطبيعة، ولكنه تعلم بعد ذلك كيف يستثيرها بحك غصنين أو حجرين بعضهما ببعض. وسيكون هذا الاحتكاك هو أصل كل رمزياتها اللاحقة. وستُنقل هذه الصورة بعد ذلك إلى ميدان الجنس حيث سيُنظر إلى الاحتكاك بين ذكر وأنثى باعتباره نارا تقود إلى المتعة التي تخبو مع انتهاء اللذة، تماما كما تتحول النار إلى رماد بعد أن تحترق مادتها، وتفتر الرغبة أو تتلاشى بعد تحققها.
وهناك صور أخرى تكشف عن هذه الرمزية الجنسية الكبرى، وهي مستقاة جميعها من الطبيعة ذاتها. وهي صور لا يمكن أن تتضح مضامينها إلا من خلال مقابلتها بنقيضها، الذي هو الماء مثلا. فالنار تشتعل وتدفئ وتدفع إلى الانطلاق وتصبح لهبا، أما الماء فينعش ويهدئ ويدفع إلى الاسترخاء. لقد نُظر إلى النار باعتبارها مبدأ “ذكوريا”، واعتُبر الماء مبدأ يستمد رمزيته من الأنوثة. إنهما يتقابلان في الطبيعة والوظيفة كما يتقابل اليانغ مع اليين في الثقافة الصينية، الأول دال على الحرارة والإيجاب والشمس والدفء والذكورة، أما الثاني فدال على البرودة والظل والماء والأنوثة ومبدأ السلبية في الحياة. لقد كانت بعض الإلهات في اليونان يستحمن في النهر لاستعادة بكارتهن، وهي إشارة إلى استعادة طاقة في حاجة إلى إيقاد.
هناك فاصل بين عوالم المؤنث وعوالم المذكر داخل النار ذاتها. ” فالحرارة المؤنثة تؤثر في الأشياء من خارجها، أما الحرارة المذكرة فتؤثر فيها من الداخل، إنها تتسلل إلى الجوهر فيها”(14). وتلك إشارة إلى التقابل بين “الإيلاجي” و”الاستيعابي” في الفعل الجنسي، تقابل بين الحاضن والمحتضن، بين السيف وغمده، وبين الخيط وسم الإبرة، ” فكل ما هو مستتر مؤنث”(15). وقد يكون ذلك هو أصل بعض الصفات التي تُسند إلى المرأة ومنها صفة “اللعوب”، وهي المرأة التي تستثير الرجل بعطرها أو لباسها أو لغتها أو بحالات “التشكل والتقتل والتثني واستدعاء الشهوة” (الجاحظ)، أي استثارة النار/الرغبة فيه. بل إن اللغة الفرنسية تذهب إلى ما هو أبعد من ذلك حين تستعمل كلمة أكثر دقة من لعوب، فهي تُسند إليها صفة مشتقة بشكل مباشر من النار. فالمرأة التي تغري الرجال وتستثير شهوتهم يُطلق عليها عندهم allumeuse “المشعلة”، أي الموقدة للنار.
وقد يعود ذلك إلى مبدأ موغل في التجريد،” فالحب هو الفرضية العلمية الأولى التي كانت وراء إعادة إنتاج موضوعي للنار. لقد كان بروميثيوس عاشقا مندفعا ولم يكن فيلسوفا ذكيا، ولم يكن موقف الآلهة منه سوى انتقام صادر عن كائن غيور” (16). لقد كان في مسعاه ذاك يريد الاحتفاظ بالنار له وحده. ولهذا السبب، عُد الاحتكاك، الذي هو صفة للحب واستثارة النار في الوقت ذاته، استعارة كبرى تشير إلى إمكانية توليد الطاقات استنادا إلى ما يذهب إلى قلب الأشياء بحثا عن الكامن فيها أو في الأجساد. وبذلك تكون الرمزية الجنسية للنار هي “نقطة الاستهراب” المثلى التي تسير نحوها كل استعمالاتها، بما فيها الغيرة والحسد والتشفي.
واستنادا إلى هذه الطاقة الهووية الشاملة يمكن تصنيف البيتين الشعريين التاليين:
اصبر على مضض الحسود .. فـإن صبـرك قـاتلـه
فـالـنـار تـأكـل بـعــضــهــا .. إن لم تجد ما تأكله
إنهما يصفان العلاقة بين الحاسد والمحسود. فصبر المحسود على الحاسد، شبيه بنار لا تستطيع الانتشار خارج نفسها، فهي محرومة مما يغذيها فتخبو وتصير رمادا. يتعلق الأمر بما يشبه حالات الكبت التي تلازم فعلا جنسيا لم يتحقق، أو لم يتحقق بشكل سليم. لذلك يُصنف بعض البلاغيين هذه الاستعارة الشاملة ضمن الصور العقلية غير الحيقيقة، وهي بذلك تُعتبر عندهم “تشبيها تمثيليا”. هناك توازي بين قلب يحترق في الداخل وبين نار تحترق في الخارج.
وهذا معناه أن الأهواء تستمد من النار جزءا كبيرا من مضمونها. فالنار تأكل قلب العاشق وتدفعه إلى الذوبان في ذات المعشوق، ولكنها تأكل قلب الغيور والحاسد أيضا. لذلك كان الوصول إلى أقصى درجات السكينة في الروح يمر عبر استنفار كلي لطاقات الجسد، يتعلق الأمر بما يحيل على الرابط بين الرغبة المتأججة سعيا وراء استرخاء هو ما يقدمه الإشباع. إنها المعادل لفعل الحياة: طفولة وشباب وكهولة ثم أرذل العمر.
ويمكن للاستعارة الجنسية للنار أن تذهب إلى أقصى حدودها حين تجمع بين أشياء لا رابط بينها في الظاهر. فلا شيء يربط بين “الطبونة التونسية” (خبزة الفرن) و”الطبون المغربي”(فرج المرأة)، ورغم ذلك، فإنهما يعودان إلى المصدر ذاته: الطابون. و”الطابون هو مدفِن النار”، ومن طبَن النار فقد أخفاها لكي لا تنطفئ، بل إن الطبَن هو الخلق ذاته (لسان العرب). وهي إحالة على مصدر الوجود ومنبعه. إنها محاولة لاستنبات النار في حفرة تمنح الناس الدفء والحياة.
يتعلق الأمر في الحالتين معا، بحرارة منبعثة من حفرة في جوفها نار، بالحقيقة في الأولى، وبالمجاز في الثانية. بل إن الأمر قد يتسع ليشمل رمزية أخرى، تجعل الطابون مرادفا للرحم، حيث المنشأ الأول وهو رمز للحاضن الأخير مجسدا في الأرض أيضا. ومنه اشتُق الرحمن والرحيم والرحمة والترحم والحرمة، وهي انفعالات مستمدة من الرحم، أصل الانفعالات وبوابة الاستهواء اللاحق، وهي أيضا ممر نحو العودة إلى حاضن رمزي هو الأمان والطمأنينة التي تمثلها الأم والأرض.
وهي الطاقة ذاتها التي يستعملها الإشهار في صياغة وصلاته الخاصة بالمواد الساخنة. إنه يستعين بأشكال تعبيرية مستمدة من عوالم النار ( الحرارة) في تقابلها مع البارد في كل حالاته، وذلك من أجل تصوير إنسان ” حار” و”مندفع” نتيجة استهلاكه منتجا يوقد النار داخله. بل يعمد أحيانا إلى الإحالة على النار من أجل تثمين البارد. إنه لا يستعمل الماء أو “البارد” درءا لجنس لا شيء يصده في النفس، بل دلالة على متعة تتحقق من خلال تناول منتجات تطفئ ناره.
ومع ذلك، فإن الغالب في الوصلات هو استعارة عوالمها من النار أو موحياتها، ومنها الذوبان لذة، أو الاستمتاع بحرارة شمس لا تغرب، ومنها أيضا الوصلات الخاصة بالعطور، فالعطر في الإشهار ليس غطاء لجسد يخفي روائحه، بل هو قناع ثقافي، أو هو مادة موجهة لاستثارة النار في الجسد اشتهاء للآخر.
تلك هي النار وذاك بعض من قصتها في الدين والجنس والثقافة.
—–
1- Gaston Bachelard : La psychanalyse du feu ,p.23
2-نفسه ص 93
3- Gaston Bachelard : La psychanalyse du feu ,p.27
4- نفسه ص 100
5- Paul Ricœur : De l’interprétation, p.26
6-Paul Ricœur : Le conflit des interprétations, éd Seuil,1969,p.266
7-نفسه ص 266
8- Paul Ricœur : Le conflit des interprétations, éd Seuil,1969,p.277
9-نفسه ص 22
10-جيمس فريزر ، أساطير في أصل ا لنار، ترجمة يوسف شلب الشام، دار الكندي ، 1988، ص 7
*-التلفظ énonciation الآثار التي تتركها الذات في ملفوظها.
11- في حديث أَبي ذر، قال له ابن شقيق: لو رأَيتُ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، كنتُ أَسأَله: هل رأَيتَ ربك؟ فقال: قد سأَلتُه فقال: نُورٌ أَنَّى أَرَاه، أَي هو نور كيف أَراه.
12-فراس السواح : الرحمن والشيطان، الثنوية الكونية ولاهوت التاريخ في الديانات المشرقية. دار علاء الدين، 2000، ص 223
13-نفسه ص 225
14- Gaston Bachelard : La psychanalyse du feu ,p.23
15-نفسه ص 96
16-نفسه ص95
17- Gaston Bachelard : La psychanalyse du feu ,p.51
ا